الرئيسية / الملف السياسي / العالم / ثلاثة رؤساء وثلاث سياسات أمريكية(15)

ثلاثة رؤساء وثلاث سياسات أمريكية(15)

ادريس هاني

لا تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية نفسها في وارد مخالفة القانون..عن أي قانون يا ترى نتحدث؟ ميلاد النظام الدولي جاء في سياق تغالب أمم خلال حربين عالميتين..هي في نهاية المطاف أشبه ما تكون بمعاهدة ما بعد الحرب..القانون يفرضه الغالب كما يكتب تاريخه أيضا..تستطيع أن تتفهّم ذلك حينما تكون أنت الأقوى..سكر القوة حدّ التماهي مع الموقف..القانون معتبر ما دام في خدمة المصالح الأمريكية، فإذا ما لم يعد القانون أو النظام الدوليين يخدمان تلك المصالح كان لا بد من إعادة خلط أوراق اللعبة ولو اقتضى الأمر تغيير الجغرافيا وإعادة رسم الخرائط..لكن من ناحية أخرى تدرك أمريكا أن العالم يشهد تحوّلات حقيقية وبروز قوى جديدة..وهي معنية جدّا بمقاربة المستقبل أكثر من أي بلد آخر..فالقوة الصلبة اصطدمت بالباب المسدود وبمقاومة ما فتئت تتطور وتخرج عن حدود السيطرة..كما أن القوة الناعمة ذات مردودية محدودة..كان لا بدّ من التفكير في قوة تقع بين الصلبة والناعمة..ترغم الدول وتعاقبها دون اللجوء إلى حرب عسكرية مباشرة..أن تكون قوة تتوسط القوتين يعني أنها متاخمة لهما تأخذ من القوتين الكثير من عناصرهما..إنها في نظري حصيلة تركيب بين الصلبة والناعمة لكنها تتميز بكونها قوة إرغام تعتمد الحرب الإقتصادية المعلنة..لنحاول هنا التعريف بمضمون هذا التقرير الذي تولى كتابته كل من “ديفيد س. غومبرت” (.David.c Gompert ) و”هانس بيننديك” ( Hans Binnendijk) تحت عنوان القدرة على الإرغام: مواجهة الأعداء بدون حرب..التقرير المذكور جاء في إطار البحث عن بدائل ذات فعالية مع محاولة مسح إمكانات الولايات المتحدة الممكن توظيفها في الإرغام، كان هذا العمل الاستقصائي جزء مشروع تولى تنفيذه مكتب المراجعة الدفاعية الربعي، التابع للجيش الأمريكي (Army Quadrennial Defense Review Office)، عنوان المشروع الذي جاء هذا التقرير لكي يشكل تكملة له هو : الأمن الصّلب..وسنرى أنّ الأمن الصلب هنا لا يعني القوة الصلبة، لأنه سيأخذ بعين الاعتبار البدائل الأخرى غير خيار الحرب..تولى تنفيذه أحد البرامج المندرجة في مركز آرويو التابع لمؤسسة راند..

حينما كان ترامب منذ الوهلة الأولى التي جلس فيها بمكتبه البيضاوي يتحدث بلغة المقاول الذي يحصي خدمات أمريكا التي تدخل في إطار المساعدات ملوحا بأن يحولها إلى عامل ضغط وجلب الخراج، إنما كان يشرع في تنفيذ هذا المخطط..في هذا المسح لن تبقى مساحة من الخدمات الأمريكية بلا ثمن..حتى حماية الحلفاء هو بثمن..لقد أدركت الولايات المتحدة الأمريكية بأنّ سياسة المساعدات لم تعد تحقق نتائج سريعة ولا تردع مقاومة الأمم الرافضة للهيمنة..

هي قوة وسطى لا صلبة ولا ناعمة لكن مردوديتها سريعة في نظر محرري التقرير وذات تكلفة أقلّ..وبلغة أرقام المبيعات سنجد ترامب وهو يستعرض بروشور لبيع أنواع السلاح في جلسة مع الأمير السعودي بخلاف البروتوكول وكأنه في جلسة عرض تجاري سندرك أن ترامب كان جادّا في تنفيذ خطّة تحويل مكتبه إلى إدارة مقاولة كبيرة إسمها الولايات المتحدة الأمريكية..العالم يضحك على تلك الوضعية المزرية لرئيس أكبر دولة في العالم يعرض بضائعه مباشرة ومن دون وسيط على الزبون..في المنطق التجاري يجب أن لا تترك فراغات..التاجر الناجح هو من لا يترك للزبون فرصة التفكير، ومن دون أن يمضي له على شيك..تتم عملية البيع بالإرغام..لسنا أمام صفقات تجارية وفق نظام العقود الحرّة بل مع ترامب ستجري الصفقات التجارية وفق عقد الإذعان..

سنعرض محتوى هذا التقرير في أهم فصوله قبل أن نتحدّث عن جدواه وآفاق تنفيذه وردود الفعل التي بدأ يتلقّاها منذ بدأ ترامب في تنفيذ محتواه..إن سياسة ترامب تساوي هذا التقرير الذي بين أيدينا..دعونا ننسى ترامب ونقرأ فصول السيناريو………يتبع

عن prizm

شاهد أيضاً

انهيار اقتصادي عالمي في 2024 أو انقلاب بالولايات المتحدة في 2025

8 كانون أول 2023 *ألكسندر نازاروف بلغ دين الولايات المتحدة حينما دخلت الحرب العالمية الأولى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *