الرئيسية / الملف السياسي / العالم / السيناريو يتكرر في فنزويلاّ..

السيناريو يتكرر في فنزويلاّ..


ادريس هاني

لا زالت قواعد اللّعب الجيوستراتيجي سارية المفعول في تدبير العلاقات الدّولية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب..تتكرر السياسات والمواقف والخطاب..مكرّ مفرّ..وجوهر النزاع هو ثروات الأمم..الانتقال إلى فينزويلا بذات التجربة في التخريب والمنهجية في تفشيل الكيانات واضحة جلية لمن قاس هذا بذاك..السياسة الدولية غبيّة إلى درجة أنها لا تبتكر وسائل جديدة في تعزيز التّوتّر..التدبير الإمبريالي للأزمات يستند إلى لعبة الشطرنج ولكنه أيضا يعمل على مبدأ القوى..فالفشل في الشرق الأوسط ستكون له آثار في الغرب..فينزويلا هي الدولة الأمريكوجنوبية التي استفادت معنويا من الانتصارات التي تحققت في الشرق الأوسط..وحتى لا تكون هي الوريث لكوباكاسترو في تصدير الممانعة والنموذج إلى باقي القارة كان لا بدّ من إفشالها..فنزويلا غنية بالغاز..وهي أيضا غنية بالثورة ومقاومة المشروع الإمبريالي..ويبدو أن محاولة تكرار نموذج الربيع في أوربا الشرقية والمنطقة العربية هو ضرب من الغباء الاستراتيجي..الاستفراد الجيوسياسي بفنزويلا من خلال محاور أمريكو_جنوبيين ستكون في صالح مادورو الذي يستمد شرعيته من الشعب ومن صموده وممانعته..فلقد عبر الشعب الفينزويلي عن إرادته بحرق المساعدات الماكرة التي تهدف إلى تفشيل الدولة الفنزويلية..إظهار فينزويلاّ بلدا منكوبا كمقدمة لانطلاق سيناريوهات التدخل..أمريكا ومن خلال أحد مسؤوليها أكدت بأن أيام مادورو باتت معدودة..يذكرنا هذا بما قيل عن الأسد..وهذه التصريحات في حدّ ذاتها مناهضة لميثاق الأمم المتحدة وخرق لسيادات الدّول وتدخّل في شؤونها الداخلية وتحريض على الفوضى..ودائما وفي كل المجتمعات توجد بيئة للتدخل الإمبريالي..بيئة تزيد أو تنقص لكنها موجودة..تتنكّر للانتماء وتخرق سقف الأوطان ولا شيء لديها يعلو على صوت “ارحل”..وارحل هنا تعني: أهلا وسهلا بالفوضى..في المنطقة العربية تم تجريب هذا المنطق..كل شعار يستهين بسيادة الأوطان ينتهي إلى الخراب..العناوين مثيرة ورائعة ولكنها في سياقاتها الخاطئة تصبح مثل الأترجة: جميل منظرها مرّ مذاقها..الثورة الحقيقية في فنزويلا هي التي يقودها مادورو وليس العملاء والمغرر بهم في كل عصر وإقليم..
ستتحرك الحدود وسندخل في سيناريو الانشقاق..الحديث عن هروب عدد من العسكريين المنشقين عبر الحدود الكولومبية ..إنّ رأس الحربة في التآمر على فينزويلا هو خوان غوايدو الذي ينتهك القانون والشرعية ويعلن نفسه رئيسا مؤقتا، الأمر الذي سيواجه بالرّفض من قبل روسا والصين والمكسيك والبرازيل وغيرها..نسخة داعش في المنطقة جاهزة وميليشيات الكوكايين سيكون لها دور كبير في زعزعت الاستقرار..في هذا المسرح الدولي وجب أن تبقى هناك منطقة مأزومة..فالاستقرار الدولي وفق منظور توزيع الأدوار والمصالح الإمبريالية يقتضي افتعال الأزمات وتدبيرها..عالم لا يستغني عن الأزمات..قريبا سنتحدث في فنزويلا عن الأطفال والنازحين والكيماوي والتقسيم والسياسات العرقية.. لن تترك واشنطن كاركاس ولن تستسلم هذه الأخيرة لواشنطن..وجبة جديدة من الحرب ستعيد أمريكا الجنوبية إلى زمن الـ”guérilla”..غيفارا الحقيقي لم يمت..إنّه شُبّه لهم…أمريكا الجنوبية مثقلة بالإرادات والذاكرة المشتركة للتمرّد والوعي المبكّر بمكر الإمبريالية..إنّ فنزويلاّ تشوّش على البرنامج الإمبريالي وهي لهذا السّبب تعاقب بفرض العقوبات والحصار وانتهاك سيادتها السياسية والقانونية والتّرابية…
ادريس هاني:24/2/2019

عن prizm

شاهد أيضاً

انهيار اقتصادي عالمي في 2024 أو انقلاب بالولايات المتحدة في 2025

8 كانون أول 2023 *ألكسندر نازاروف بلغ دين الولايات المتحدة حينما دخلت الحرب العالمية الأولى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *