الرئيسية / الملف السياسي / يحاربوننا بالخيانة.. ونحاربهم بالمقاومة.. وهل الخلفية المشتركة بين فتح وحماس تقودهما لذات النهاية؟ ولماذا لا تعتمد المقاومة الفلسطينية حرب العصابات.. ولماذا

يحاربوننا بالخيانة.. ونحاربهم بالمقاومة.. وهل الخلفية المشتركة بين فتح وحماس تقودهما لذات النهاية؟ ولماذا لا تعتمد المقاومة الفلسطينية حرب العصابات.. ولماذا

11 تموز

فؤاد البطاينة

بداية، ليعلم كل من يحكم أو ينادل أو يرتزق بعمل سياسي أن قضية فلسطين هي قضية الشعوب العربية والإسلامية وتسمو بعدالتها وكارثية تجاهلها أو النيل منها، وبطبيعتها وطبيعة أعدائها على كل قضايا الشعوب التي لا تتعدى درء خطر أو تحقيق مصلحة. وبأنها المحدِّدُ الثابت لمصير شعوبنا والضابط لمواقفها وسلوكها، فعلى مذبحها نكون أو لا نكون، ويكون الأمن والاستقرار على المعمورة أو لا يكون. إنها المعيار لصلاحية كل خُلُق أو سياسة أو نمط تفكير، والمعيار لمصداقية القيم ومدعيها. والسامية بالتالي على كل أيدولوجيا أو سلوك انساني أو بشري يتجاوزها بأي اتجاه كان. ولنا في بلاد العرب والمسلمين هي معيار الشرعية للحاكم والمشروعية للقانون.

فمن يؤمن أو يحاجج بالخلق والقيم والعدل والحرية والمساواة في الحقوق الإنسانية ويسعى اليها من نظام أو كيان أو شخص، عليه أن يتوقف مع نفسه وضميره ويتفحص مردود موقفه وفعله وقوله على القضية الفلسطينية. والعربي الذي يبكي حال بلده ويبحث عن الترياق فهو في صندوق فلسطين وقضيتها. فالعدو وبالمنطق العلمي معني جداً بأن لا تكون دولة عربية أو إسلامية بخير ما دام استهداف فلسطين قائماً. وما دامت هي وشعبها تحت الإستهداف، فستكون بالضرورة أقطار العرب وشعوبها تحت الإستهداف. ذلك لأن الصهيوني يُدرك بأن احتلال فلسطين هو احتلال لجزء من كل هو الجسم العربي، وبأنه احتلال لا يمكن أن يستقر في المحصلة وهناك دولة عربية واحدة قوية أو منافسة بقوتها. ولا يمكن للعدو المراهنة في هذا على تطبيع حكام عملاء وهناك شعوب لا يُمكن تطبيعها، هذا إذا افترضنا تنازل الصهيونية اليهودية عن المشروع التوراتي الممتد، وافترضنا أن الكيان لا يحتاج لبقائه لعمق جغرافي حيوي استراتيجي.

ونحن ما فتئنا نشاهد نار فلسطين تحرق دولا عربية وتشرد شعوبا. ومع ذلك فإن فلسطين ما زالت خط الدفاع الأول عن العرب بصمود شعبها الأسطوري وبتحمله وحده مسؤولية الدفاع عن شرف الأمة ومواجهة فظائع العصابات الصهيونية عنهم، وهم هاربون بنفاق وجبن الشجب والإستنكار أو الترقب وكلها خيانة. وفيها ما هو أعظم حين اجتمع يوماً حقراء العرب وحثالة البشر في عام 2006 يتفرجون وينتظرون لشهر ونيف بمنتهى الكفر كيف سينهي جيش الاحتلال على المقاومة الإسلامية في لبنان وباؤا بالخزي والعار والهزيمة لجيش الإحتلال وأمريكا. وكذا يفعلون في غزة والضفة، ومؤخراً انتظروا كيف سيسحق الصهيوني المدنيين والمقاومين في جنين ولكنها الجين الفلسطيني أعطت أمريكا والعالم والمطبعين درسا تاريخيا بانتصارها في الصمود وإفشال جيش الإحتلال ورهطه.

نعود، فخيارات الصهيوني في ترسيخ احتلاله محصورة باثنين. الأول هو الإبقاء على الأقطار العربية وشعوبها في حالة تخلف اقتصادي وعلمي وعسكري وعدم استقرار وفرقه، ومحاربة الديمقراطية ودعم الدكتاتوريات العميلة وإحباط شعوبها وإلهائها بجوعها وأمنها، وبتسويق وفرض البدائل الثقافية عن ثقافتها وحتى عن عقيدتها. وهي تنجح في كل هذا الى حد بعيد. والأسباب لا نرميها على الحكام الموظفين بل على مؤسسات الشعب العربي وتمنع شعوبنا عن كسر قيودها. أما الخيار الثاني حصراً فهو العمل على شيطنة المقاومة ومحاربتها وتأليب الرأي العام الدولي والعربي عليها وصولا لنزع فكرتها من رؤوس المواطنين العرب لأنها وحدها القادرة على قلب الطاولة على الاحتلال وأدواته وحسم المسألة من أساسها.

هزائمنا بالخيانة، وصمودنا بالمقاومة. لكن الخيانة في بلادنا مبرمجة وموجهة ومتطورة مرحلة وراء أخرى يقودها حكام بالإرادة الأمريكية. وانتقلت هذه الخيانة إلى ضرب رهيب من ضروب الخداع لتزوير إرادة شعوبنا بكتم صوتها وتقييد حركتها وحريتها حتى بتنا نشهدها تدافع عن نفسها وحقوقها في بلاد الغرب وتهتف لفلسطين وترفع علمها، بينما لا تفعل هذا في بلادها حيث فاعليتها معطلة.

ذلك أن كل المحرمات والممنوعات والمحظورات بالقانون والعرف من أي نوع في أوروبا والغرب عامة مطلوب إباحتها في أقطارنا العربية على شعوبنا وأوطاننا من قبل حكام يحكمون ويستبدون بالوكالة بأنظمة عسكرية وأمنية تقوم بدور الإرهابيين لشعوبنا بكل وسائل القمع الوحشي واللا أخلاقية والتجويع مستندين لحماية ودعم أمريكا اللامحدود ولا مقيد بسقف. بل ويقدمون لها أوطاننا لإقامة معسكرات حشد وتدريب العصابات ومجاميع الإرهابيين من شتى أنحاء العالم، وإنشاء سجون غير شرعية ولا مشروعة على ترابنا، فلمتى ستبقى شعوبنا تتعايش مع قيود أنظمة هشة ومعزولة ومرعوبه.

نعود للمقاومة الفلسطينية من وحي إنتاجيتها وأطرح تساؤلاً طالما يطرق في رأسي هو، هل المقاومة الفلسطينية تعتمد استراتيجية المواجهة المباشرة مع جيش يمتلك من الأسلحة النوعية ما تمتلكه الدول الكبرى واستدراجه احيانا بالاستعراضات العسكرية وكشف الأوراق ؟، أم تعتمد حرب العصابات التي تمتلك فيها زمام المبادرة، والعمليات الإستشهادية التي تختار فيها المكان والزمان وتضمن تفوقها على العدو في ميزان الربح والخسارة والاصابات المؤثرة، وتُفهمه ومستوطنيه بما يجب أن يفهموه ويحسون به من خسائر وفقدان الاستقرار والأمن على حياتهم وعلى جدوى الإحتلال؟ أليست المواجهة المسلحة المباشرة غير المتكافئة بكل المعايير مع هذا العدو هي لعبته، فلماذا لا تواجهه بلعبتها حرب العصابات وقواعدها كاستراتيجية لا كعمل فردي أو كردات فعل، وأليس الإعتماد على أسلحة خفيفة تمتلكها مع وسائل أخرى تجدها أمامها من كل مادة أو اداة متاحة هي التي تصنع الفرق والتفوق للمقاومة لا سيما في الحالة الفلسطينية المحاصرة بالجغرافيا والعتاد؟ لا قيود ولا محظورات ولا ممنوعات أمام حق الدفاع عن النفس وعن الأوطان والمقدسات والكرامات الإنسانية.

ومن ناحية أخرى، نتمنى على حماس من واقع الآمال المعلقة عليها، أن تفسر لنا من جديد وبوضوح بعض النقاط الملتبسة على الكثيرين بصفتها أكبر تنظيم فلسطيني مقاوم وتتولى إدارة غزة وبما يشبه الحكم الذاتي. بدءاً بالسبب والأرضية التي على أساسها تتعامل أو تتحاور مع سلطة أوسلو، وهل تؤمن بخيارات أخرى للتحرير غير خيار المقاومة، كالخيار السلمي والتفاوض مع المحتل مثلاً، وهل ما زالت حركة تحرير وطني فلسطيني بمبادئها التي قامت عليها أم حصل تغيير عليها، وما هي استراتيجيتها للتحرير، أم أصبحت غزة لها محلاً لمشروع دولة ومن أجله تحتفظ بقوتها وأسلحتها لفرض وجودها السياسي وللمناورات السياسية مع كيان الإحتلال بواسطة دول التطبيع العربية؟

ولماذا لا تكون وحدة المقاومة وساحاتها أولوية لها تسمو على أي خلاف أو أيدويلوحية، وما مدى وطبيعة ارتباطها بتنظيم الإخوان. فنحن لنا تجربة مع فتح، أيقونة المقاومة كانت، وانتهت برموزها وقياداتها الى متعاونين وأجراء لدى قوة الاحتلال وتحولوا من هدف التحرير لهدف التعهير وجمع المال الفاسد، ومن مؤمنين لداعرين وسجانين لأحرار شعبهم.لا أولوية لأحرار فتح تسبق أولوية تنظيف قيادتهم الخائنة، ولا أولوية لقواعد حماس على أولوية التحاور والتعامل مع قيادتها بشأن محاولات اختطاف مقاومتهم ودماء الشهداء الغزيين .

كاتب وباحث عربي اردني

 

عن Amal

شاهد أيضاً

إعلام إسرائيلي: كيف شارك كبار ضباط الجيش في إخفاق 7 أكتوبر؟

شباط 23 2024 صحيفة “معاريف” تتطرق إلى دور ضباط خدموا في مناصب عليا في الجهازين …