الرئيسية / الملف السياسي / فلسطين المحتلة / الأفارقة في “إسرائيل”؛ كراهية (الكوشي) الآخرُ “المُختلف”

الأفارقة في “إسرائيل”؛ كراهية (الكوشي) الآخرُ “المُختلف”

11 أيلول 2023

محمد هلسة

أثارت أعمال العنف، التي اندلعت الأسبوع الماضي في جنوبي “تل أبيب”، مرة أخرى، قضية طالبي اللجوء السياسي، وتحديداً السود منهم، في “إسرائيل”.

وسارعت حكومة نتيناهو إلى إلقاء اللوم على النظام القضائي، واتهامه بتعطيل التخلص من الإريتيريين في “إسرائيل” حتى اليوم. وكشفت هذه الحادثة العنيفة حقيقة، مفادها أن “إسرائيل” تمارس عنصرية مؤسسية تجاههم وتتجاهلهم، لكنها عندما تقع حوادث عنف، تستذكر هذه المجموعات المُهمشة والمُضطهَدة، والتي غالباً ما يتم استبعادها عن الخطاب الإسرائيلي العام، بصورة يومية.

وفقاً لبيانات سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية المُحدّثة لشهر تموز/يوليو الماضي، والتي نشرتها صحيفة “هآرتس”، فإن هناك 17,850 طالب لجوء بالغاً من إريتريا في “إسرائيل”، إلى جانب 3,269 طالب لجوء بالغاً من السودان، و2,098 طالب لجوء بالغاً من دول أفريقية أخرى. وإلى جانبهم، هناك نحو 8000 طفل من أطفال طالبي اللجوء، الذين يدرسون في نظام التعليم الإسرائيلي، ونحو 4700 طالب لجوء سوداني حصلوا على وضع موقت في “إسرائيل”، ومعظمهم بعد حكم المحكمة العليا اعتباراً من عام 2021. وتشير التقديرات إلى أن نحو 80% من طالبي اللجوء الأفارقة هم من الرجال.

قُدِّمَ، بين عامَي 2019 و2022،  17,609 طلبات لجوء إلى السلطات الإسرائيلية، معظمها من مواطني روسيا والهند وبيلاروسيا، لكن الفارق بين حاملي هذه الجنسيات وطالبي اللجوء الأفارقة هو أن “إسرائيل” تنتهج سياسة عدم الإعادة القسرية إلى السودان وإريتريا، بحيث تسمح للقادمين منهما بالبقاء في “إسرائيل”، حتى في حال تم رفض طلباتهم.

يطمح طالبو اللجوء إلى الحصول على الاعتراف بهم والحماية في “إسرائيل” بموجب اتفاقية اللاجئين عام 1951، لكن سرعان ما تتبدد توقعاتهم وآمالهم مع وصولهم إليها، الأمر الذي يضطر عدداً منهم إلى المغادرة والعودة إلى أفريقيا، بينما يُمنَحُ من يبقى منهم إقامة موقتة، تتجدد كل 3 أشهر. حينما بدأ وصول طالبي اللجوء من دارفور إلى “إسرائيل”، في الفترة 2005-2006، أخذت أوساطٌ إسرائيلية رسمية تُشير إليهم بصفتهم “لاجئين” وناجين من “الإبادة الجماعية”. ومع تزايد تدفق اللاجئين إلى “إسرائيل” ووصول لاجئي إريتريا، تغيّر موقف السلطات الإسرائيلية وتصريحات المتحدثين باسمها الرسميين، بل تحولت، في الأعوام الأخيرة، إلى تحريضٍ حقيقي.

أعلنت عضو الكنيست والوزيرة الصهيونية، ميري ريغيف، أن “السودانيين سرطان في جسدنا”، الأمر الذي شجع على زيادة كبيرة في جرائم الكراهية ضد الأشخاص ذوي البشرة السوداء من طالبي اللجوء في “إسرائيل”.

تحوّل الخطاب الرسمي الإسرائيلي، وبدأ يتعاطى مع طالبي اللجوء على أنهم “متسللون للعمل”، وصَنّفهم في مرتبة دونية حالت دون حصولهم على المكانة القانونية و”الحقوق” المتعددة، فلا يحق لهم الحصول على مزايا الضمان الاجتماعي، ومعظم خدمات الرعاية الاجتماعية والصحية، وهم الأقل أجراً في سوق العمل الإسرائيلية، وتُفرض عليهم ضريبة دخل تصل إلى 20% من قيمة الدخل الشهري، الذي لا يتجاوز ألف دولار، ويَدرُس أطفالهم في “تل أبيب” بصورة منفصلة عن أقرانهم الإسرائيليين، ويسكنون في أحياء فقيرة، هي أشبه بالمخيمات.

إن السياسة الإسرائيلية تجاه طالبي اللجوء الأفارقة تستند إلى “الفوضى المقصودة”، إذ تتعمد وضع العراقيل أمام استقبال طلباتهم للجوء، وتُضيّق عليهم من أجل دفعهم إلى الاستسلام ومغادرة “البلاد” طوعاً. ومع هذا الوضع الصعب، يبدو أن البعض في “إسرائيل” لا يرغب في وقف تدفق اللاجئين، أو وقف “الجلب الجماعي” للعمال المهاجرين، حتى أولئك الذين يحملون تأشيرات دخول لها، على نحو يبدو أنها “صناعة” تَدُرّ كثيراً من المال، وهي مرتبطة بأشخاص يتمتعون بسلطة حكومية، وبعضهم أعضاء في أحزاب سياسية.

يزعم السياسيون الإسرائيليون، وحتى رئيس الوزراء نفسه، أن اللاجئين يشكلون تهديداً ديموغرافياً على الرغم من أنهم يشكلون نحو 0.6% من “السكان في إسرائيل”. ويدّعي بعض أعضاء الكنيست كذلك أن اللاجئين “ينشرون الأمراض، ويميلون إلى ارتكاب جرائم أكثر من عامة السكان، ويشكلون تهديداً أمنياً”، على الرغم من أن أياً من هذه الادعاءات لا تدعمه البيانات الرسمية للحكومة.

عن Amal

شاهد أيضاً

الحرب على قطاع غزة أمام لحظة فارقة…

21 شباط 2024 أنطوان شلحت ليس من المبالغة القول إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، …