الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / الإخوان والعدوان على غزة والسودان

الإخوان والعدوان على غزة والسودان

قصف مصنع اليرموك للأسلحة في العاصمة الخرطوم

الإخوان والعدوان على غزة والسودان

غالب قنديل*

الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة والسودان يوم أمس شكلت رسالة موجهة مباشرة إلى مصر وهي الجواب الحقيقي على رسالة الرئيس المصري محمد مرسي التي كشف النقاب عنها والتي خاطب بها شمعون بيريز على انه” الصديق العزيز”.

أولا: عبر التاريخ القريب والبعيد اعتبر السودان من قبل المصريين و خصوصا منذ زمن محمد علي بمثابة “الإقليم الجنوبي للقطر المصري” ويذهب البعض أبعد من ذلك في قدم الروابط التاريخية بين البلدين وقد اعتبر في التاريخ الحديث أن السودان مكون أساسي وحاسم في محيط مصر الحيوي والاستراتيجي لاعتبارات الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد وقد كرس ذلك بقوة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بينما شكل الانكفاء المصري في وظيفة حماية الأمن الإسرائيلي بعد اتفاقيات كامب ديفيد خلفية القطع الكامل سياسيا مع مفهوم الإقليم الجنوبي فكانت النتيجة أن السودان تعرض لمؤامرة تقسيم خطيرة في السنوات الأخيرة من غير أن تحرك القاهرة ساكنا و قد تحول جنوب السودان بعد التقسيم إلى نطاق حركة و نفوذ لإسرائيل بمضامين اقتصادية و سياسية و مخابراتية.

ثانيا: شكل قطاع غزة أيضا مكونا رئيسيا في المجال الحيوي المصري وبصورة خاصة منذ عام 1948 والتداخل والتشابك بين أهالي القطاع والشعب المصري بات أقرب إلى علاقات عائلية متداخلة عدا عن كون مصر في نظر الغزيين عمقهم الاقتصادي والاستراتيجي وبالتالي فإن التعامل الإسرائيلي مع قطاع غزة بني على الدوام وبصورة خاصة منذ عام 67 بعد نكسة حزيران على مفهوم الترابط العضوي بين غزة ومصر وفي زمن الرئيس عبد الناصر كانت علاقة مصر بالقطاع علاقة دعم واحتضان لحركات المقاومة التي قاتلت المحتل ببسالة وإباء لسنوات طويلة وما تزال.

ثالثا: مضمون الرسالة الإسرائيلية هو تثبيت التزام الرئيس المصري محمد مصري وحكومة الأخوان المسلمين بأمن إسرائيل كأولوية حاسمة وتثبيت الانكفاء المصري الكامل عن المجال الحيوي الطبيعي أي عن الدور الإقليمي الفاعل فالسودان وقطاع غزة يتقدمان سلم الأولويات على صعيد الدور المصري في المنطقة تاريخيا ، ورضوخ السلطات المصرية الجديدة لهذا المفهوم الإسرائيلي الذي يلغي الدور المصري خارج إطار أولويات الأمن الإسرائيلي يمثل تقهقرا عن دور مصر و حتى مضمونه السياسي و الواقعي الذي بلغ ذروة انحداره في زمن الرئيس المخلوع حسني مبارك.

رابعا: شكلت مبادرة السلطات المصرية إلى تدمير الأنفاق التي يتنفس منها قطاع غزة تحت الحصار ، وتشديد الإجراءات المصرية على المعابر ، تراجعا خطيرا عن زمن مبارك ولا تعوض ذلك زيارة أمير قطر للقطاع والأموال المحكي عنها التي قدمها لحكومة إسماعيل هنية فستكون تلك الحكومة مرغمة على إنفاق تلك الأموال عبر القنوات الإسرائيلية الخانقة وتحت رقابتها سواء اختارت أن تستورد احتياجاتها من مصر أو من فلسطين المحتلة وكلاهما طريقان محكومان برقابة المخابرات الأميركية والإسرائيلية.

خامسا: ليس العدوان الجوي على السودان بعيدا عن نظرية تجفيف موارد الأسلحة والذخائر وطرق الإمداد المتصلة بنشاط المقاومة في غزة ، وثمة رابط أكيد بين الغارات الجوية على مواقع المقاومة في القطاع ، والغارة التي استهدفت مدينة الخرطوم في التوقيت ذاته ، وسط الكلام الإسرائيلي الذي يتردد منذ سنوات عن دور السودان في عمليات نقل السلاح إلى القطاع عبر شبه جزيرة سيناء ، ومن خلال الأنفاق .

تنظيم الإخوان المسلمين في المنطقة وفي مصر خصوصا ، بات شريكا لإسرائيل في ضرب العديد من مرتكزات حركة المقاومة وقدراتها على الردع ، وهي خطوات متصلة منسقة مع قادة التنظيم العالمي للأخوان و مع التحالف القطري السعودي التركي المكلف من قبل الإدارة الأميركية بضمان المصالح الإسرائيلية.

هذا الدور الأخواني في تطويع المقاومة داخل غزة و إحكام الخناق عليها لتدجينها أمام إسرائيل يرتبط عضويا بدور قيادة تنظيم الأخوان في الحرب العالمية على سورية و حيث تتصدر الأولويات حسابات الأمن الإسرائيلي و ضرب منظومة المقاومة التي تشكل سورية قلبها.

24 تشرين أول 2012

المصدر: وكالة أخبار الشرق الجديد

* مدير موقع وكالة أخبار الشرق الجديد

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *