الرئيسية / الملف السياسي / الوطن العربي / نأملات الرفيق فيدل كاسترو : الدور الإبادي لحلف الناتو

نأملات الرفيق فيدل كاسترو : الدور الإبادي لحلف الناتو

تأملات الرفيق فيدال

الدور الإبادي لحلف الناتو

إن ذلك التحالف العسكري الوحشي قد تحول إلى ألئم وألد أداة للقمع عرفته تاريخ الإنسانية.

تولى حلف الناتو ذلك الدور القمعي الشامل بعدما انهار الاتحاد السوفيتي، التي كانت، هي الأخرى، الحجة المستخدمة من قبل الولايات المتحدة لإقامة الحلف. تبرهن هدفها الإجرامي بالصرب، بلد من أصل إسلافي، الذي ناضل شعبه بمثل هذه البسالة ضد القوات النازية في الحرب العالمية الثانية.

عندما بعثت بلدان تلك المنظمة الوخيمة قواتها لتأييد الانفصاليين الكوسوفيين في مارس عام 1999، في إطار جهودها لتفكيك يوغسلافيا بعد وفاة جوزيف بروز تيتو، واجهت مقاومة عنيفة لدى تلك الأمة التي كانت قواتها المجربة سليمة.

إن الإدارة الأمريكية، على أثر نصيحة الحكومة اليمينية الاسبانية لهوسي ماريا أثنار، هاجمت قنوات التلفزة الصربية وجسور نهر الدانوب وبلغراد، عاصمة تلك البلد. تم تدمير سفارة الجمهورية الشعبية الصينية بقنابل اليانكية، مما أدى إلى موت بعض الموظفين، وليس بالخطأ، حيث لم يكن ذلك ممكنا، كما أدعى المهاجمون. العديد من الوطنيين الصرب خسروا أرواحهم. إن الرئيس سلوبودان ميلوسيفيش، بعدما استنزفته ضربات المهاجمين وغياب الاتحاد السوفيتي، تنازل أمام مطالب حلف الناتو، وقبل بوجود قوات الحلف داخل كوسوفو، تحت وصاية الأمم المتحدة، مما أدى في نهاية المطاف إلى هزيمته السياسية ومحاكمته اللاحقة بالمحاكم التي افتقدت النزاهه تماماً، ألا وهي لاهاي. ثم توفى بشكل غريب بالسجن. لو تصدى لهم وصمد عدة أيام إضافية، لكان حلف الناتو دخل بأزمة خطيرة كانت على وشك الانفجار. هكذا توفرت عند الإمبراطورية المزيد من الوقت لفرض هيمنتها على أعضاء تلك المنظمة الذين يركعون أكثر فأكثر كل مرة.

بين يومي 21 شباط/ فبراير 27 نيسان/ أبريل، نشرت في الموقع الإلكتروني كوباديباتي تسعة مقالات للتأملات حول الموضوع، حيث تعرضت بشكل واسع لدور حلف الناتو في ليبيا ولماذا يحدث حسب وجهة نظري.

أرى نفسي لذلك مجبورا على إيجاز الأفكار الأساسية التي طرحتها والأحداث التي كانت تحدث مثلما توقعناها، فهناك شخصية محورية لهذا التاريخ، معمر القذافي، جرح بجروح خطيرة من قبل أحدث مقاتلات حلف الناتو التي حددت موقع سيارته، اعتقلوه وهو ما زال على قيد الحياة، وتم اغتياله من قبل الرجال الذين سلحتهم تلك المنظمة.

تم خطف جثته وعرضها كجائزة حرب، وهذا التصرف ينتهك المبادئ الأساسية للمعايير الإسلامية وللمعتقدات الدينية الأخرى السائدة بالعالم. يعلن أنه قريبا جدا ستصبح ليبيا “دولة ديمقراطية ومدافعة عن حقوق الإنسان”.

أرى نفسي مجبورا على تكريس بعض التأملات لهذه الأحداث المهمة ذات المغزى الكبير.

(الجزء الثاني)

قبل ما يزيد عن ثمانية أشهر بقليل، في الحادي والعشرين من شباط/فبراير من العام الجاري، أكدت عن قناعة كاملة أن: “احتلال ليبيا هو مشروع حلف الناتو”. وتحت هذا العنوان تناولت الموضوع للمرة الأولى في تأمل بدا مضمونه وكأنه من نسج الخيال.

أدرجُ في السطور التالية عناصر الحكم التي قادتني إلى ذلك الاستنتاج.

“لقد تحوّل النفط إلى الثروة الرئيسية بأيدي الشركات اليانكية العابرة للحدود؛ فبواسطة هذا المصدر للطاقة تمتعت هذه الشركات بأداة ضاعفت بشكل كبير قوتها السياسية في العالم”.

“مصدر الطاقة هذا شكّل أساساً لتطور حضارة اليوم. وفنزويلا هي البلد الذي دفع أبهظ ثمن في هذا النصف من العالم. الولايات المتحدة استولت على الآبار الهائلة التي منّت الطبيعة بها على هذا البلد الشقيق”.

“عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، بدأت تستخرج أكبر كميات من النفط من إيران، وكذلك من العربية السعودية والعراق والبلدان العربية المجاورة لها. أصبحت هذه البلدان مصادر التزويد الرئيسية. ارتفع الاستهلاك العالمي تدريجياً ليصل إلى الرقم المذهل البالغ 80 مليون برميل يومياً، بما فيها تلك الكميات التي يتم استخراجها من أراضي الولايات المتحدة، والتي أضيف إليها لاحقاً الغاز والطاقة المائية والنووية”.

“يرتبط تبذير النفط والغاز بواحدة من أكبر المآسي التي تعانيها البشرية، ولم تجد حلاً على الإطلاق، ألا وهي مأساة التغير المناخي”.

“في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 1951 تحوّلت ليبيا إلى أول بلد أفريقي يحقق استقلاله بعد الحرب العالمية الثانية، بعدما شكّلت أراضيها خلال تلك الحرب مسرحاً لمعارك هامّة بين القوات الألمانية وقوات المملكة المتحدة…”

“95 بالمائة من أراضيها هي أراضٍ صحراوية بالكامل. وقد سمحت التكنولوجيا باكتشاف آبار هامة من النفط الخفيف رفيع الجودة يصل حجم إنتاجها اليوم إلى مليون وثمانين ألف برميل يومياً وآبار غاز طبيعي وافرة. […]تقوم صحراؤها القاسية فوق مستنقع هائل من المياه يعادل بمساحته ثلاثة أضعاف مساحة كوبا، مما سمح لها ببناء شبكة واسعة من مجاري المياه العذبة تغطي كل أنحاء البلاد”.

“الثورة الليبية قامت في شهر أيلول/سبتمبر من عام 1969. كان قائدها الرئيسي معمّر القذافي، وهو عسكري من أصل بدويّ، ألهمته في وقت مبكّر من شبابه أفكار الزعيم المصري جمال عبد الناصر. لا شك في أن كثير من قراراته على صلة بالتغيرات التي حدثت عندما أطيح في ليبيا بحكم ملكي ضعيف وفاسد، على غرار ما شهدته مصر”.

“يمكن للمرء أن يتفق أو لا مع القذافي. فقد غزا العالم كل نوع من الأخبار، لا سيّما باستخدام وسائل الإعلام الكبرى. سيتعيّن انتظار ما يلزم من الوقت من أجل المعرفة الدقيقة لمدى الصحة أو الكذب، أو الخليط من أحداث من كل نوع وقعت في ليبيا في خضم حالة الفوضى. ما هو واضح بشكل مطلق بالنسبة لي هو أن حكومة الولايات المتحدة لا يهمها السلام في ليبيا على الإطلاق، ولن تتردد في الإيعاز لحلف الناتو باجتياح هذا البلد الغني، وربما يكون ذلك خلال ساعات أو أيام معدودة”.

“أولئك الذين ابتدعوا شائعة توجه القذافي إلى فنزويلا، بنوايا غادرة، كما فعلوا عصر يوم أمس الأحد، العشرين من شباط/فبراير، وجدوا اليوم إجابة أبية من جانب وزير العلاقات الخارجية الفنزويلي، نيكولاس مادورو…”

“من ناحيتي، لا أتصور القائد الليبي مغادراً لبلده، متهرباً من المسؤوليات التي تُنسَب إليه، أكانت هذه المسؤوليات كاذبة أم لا، جزئياً أو كلياً”.

“الإنسان النزيه يقف دائماً ضد أي ظلم يتم ارتكابه بحق أي شعب في العالم، وأسوأ هذه المظالم في هذه اللحظة هو إطباق الصمت على الجريمة التي يستعد حلف الناتو لارتكابها بحق الشعب الليبي”.

“إن فعل ذلك هو أمر عاجل بالنسبة لقيادة هذه المنظمة. لا بد من كشف ذلك!”

في ذلك الموعد المبكّر جداً كنت قد تنبّهت لما كان يبدو واضحاً على الإطلاق.

يوم غد الثلاثاء، الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر، سيتحدث وزير خارجيتنا برونو رودريغيز، للتنديد بالحصار المجرم الذي تفرضه الولايات المتحدة على كوبا. سنتابع عن كثب هذه المعركة التي ستثبت من جديد، ليس فقط ضرورة إنهاء الحصار، وإنما كذلك ضرورة إلغاء النظام الذي يولّد الظلم في كوكبنا الأرضي، ويبذّر موارده الطبيعية ويعرّض بقاء الإنسان للخطر. سنولي عناية خاصة لمرافعة كوبا.

(الجزء الثالث)

بيوم 23 شباط/فبراير، تحت عنوان “رقصة أموات الوقاحة “، طرحت:

“سياسة النهب التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها من “الناتو” في الشرق الأوسط دخلت في أزمة”. وقد جاءت هذه الأزمة بصورة حتمية مع ارتفاع أسعار الحبوب، الذي تظهر نتائجه بقوة في البلدان العربية، حيث، وبالرغم من الموارد النفطية الهائلة المتوفرة، تتناقض قلة المياه والمناطق الصحراوية والفقر المنتشر مع الموارد المتأتية من النفط في أيدي القطاعات المتميّزة.

“بفضل خيانة أنور السادات في كامب ديفيد، لم تتمكن الدولة العربية الفلسطينية من الوجود، وذلك بالرغم من قرارات منظمة الأمم المتحدة الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1947، وتحوّلت إسرائيل إلى قوة نووية كبرى حليفة للولايات المتحدة ولحلف الناتو”.

“المجمع العسكري الصناعي الأمريكي زوّد إسرائيل بعشرات الآلاف من ملايين الدولارات سنوياً، كما زوّد الدول العربية نفسها، التي تقهرها الأولى وتذلّها”.

“المارد خرج من عنق الزجاجة، وحلف الناتو لا يعرف كيفية السيطرة عليه”.

“سوف يسعون للاستفادة قدر الإمكان من الأحداث المؤسفة في ليبيا. لا يستطيع أحد أن يعرف في هذه اللحظة ما يحدث هناك بالفعل. فكل الأرقام والروايات، بما فيها أقلها احتمالاً، نشرتها الإمبراطورية عبر وسائلها، زارعةً الذعر والتضليل”.

“من الواضح أن الداخل الليبي يشهد حرباً أهلية. كيف ولماذا نشبت هذه الحرب؟ من هم الذين سيدفعون الثمن؟ وكالة الأنباء ‘رويترز’ في معرض نقلها لوجهة نظر بنك ياباني شهير، وهو بنك ‘نومورا’، قالت أن سعر النفط يمكنه أن يتجاوز كل الحدود”.

“… ماذا ستكون عليه العواقب في خضم الأزمة الغذائية؟

“القادة الرئيسيون لحلف الناتو يعيشون حالة جزع. وكالة الأنباء ‘أنسا’ أبلغت أن رئيس الوزراء البريطاني، دافيد كاميرون، ‘… اعترف في خطاب ألقاه في الكويت أن البلدان الغربية أخطأت في دعمها لحكومات غير ديمقراطية في العالم العربي’ “.

“نظيره الفرنسي نيكولاس ساركوزي صرّح أن ‘القمع الهمجي والدموي المطوّل للسكان المدنيين الليبيين مثير للاشمئزاز’ “.

“وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني قال أن ‘رقم ألف قتيل في طرابلس الغرب هو رقم ’قابل للتصديق‘، […] أما الرقم المروّع فسيكون حمام دم’ “.

“هيلاري كلينتون قالت: ‘… ’حمّام الدم‘ هو ’مرفوض كلياً‘ و’لا بد من وضع حد له‘…’ “.

وتحدث بان كي-مون، فقال: ‘إن استخدام القوة كما يتم استخدامها في البلاد هــو أمر غير مقبول على الإطلاق’ “.

“… ‘مجلس الأمن الدولي سيتحرك وفقاً لما يقرره المجتمع الدولي’ “.

” ‘إننا ننظر في مجموعة من الخيارات’ “.

“ما ينتظر بان كي-مون في الواقع هو أن يقول أوباما الكلمة الأخيرة.

“رئيس الولايات المتحدة تحدث عصر هذا الأربعاء وأبلغ أن وزيرة الخارجية ستغادر إلى أوروبا من أجل الاتفاق مع الحلفاء في ‘الناتو’ على الإجراءات الواجب اتخاذها. وعكّسَ محيّاه فرصة للتناحر مع السيناتور عن اليمين المتطرف الجمهوري، جون ماكين؛ والسيناتور الموالي لإسرائيل عن كونيكتيكوت، جوزيف ليبرمان؛ وقادة ‘حزب الشاي’، من أجل ضمان ترشحه عن الحزب الديمقراطي.

“وسائل إعلام الإمبراطورية هيّأت الظروف للتحرك. لن يكون هناك غرابة في حدوث تدخل عسكري في ليبيا، وبذلك يكون مضموناً لأوروبا أيضاً استلام حوالي مليوني برميل من النفط الخفيف يومياً، إذا لم يحدث قبل ذلك ما ينهي قيادة القذافي أو يقضي على حياته.

“على كل حال، دور أوباما على نحو بالغ من التعقيد. ماذا ستكون عليه ردة فعل العالم العربي والإسلامي إذا أريقت الدماء بغزارة في هذا البلد جرّاء هذه المغامرة؟ هل ستوقف الموجة الثورية التي اندلعت في مصر تدخل حلف الناتو في ليبيا؟

“في العراق أريقت الدماء البريئة لأكثر من مليون مواطن عربي، حين تعرضت البلاد لغزو بحجج زائفة”.

“لا يمكن لأحد في العالم أن يكون على اتفاق مع قتل مدنيين عزّل في ليبيا أو في أي مكان آخر. وأتساءل: “هل ستطبّق الولايات المتحدة وحلف الناتو هذا المبدأ على المدنيين العزّل الذين تقتلهم الطائرات بدون طيارين وجنود هذا الحلف يومياً في أفغانستان وباكستان؟

“إنها رقصة أموات الوقاحة”.

بينما كنت أتأمل حول هذه الأحداث، بالأمم المتحدة بدأ الحوار الذي كان من المتوقع اجراؤه يوم الأمس، يوم الثلاثاء، 25 تشرين الأول/أكتوبر، حول “ضرورة إنهاء الحصار التجاري والمالي المفروض من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على كوبا”، وكان يطرح هذا الأمر من قبل الأغلبية الساحقة للبلدان التي تنتمي إلى تلك المؤسسة على امتداد 20 سنة.

وقد أظهرت الأفكار العديدة والأساسية والعادلة هذه المرة، هذه الأفكار التي هي بالنسبة إلى الولايات المتحدة ليست أكثر من تمارين خطابية، الضعف السياسي والأخلاقي لأقوى إمبراطورية كانت ولا تزال موجودة على سطح المعمورة، التي تم إخضاع جميع سكان المعمورة وحتى شعبها نفسه لمصالح اقلياتها ولعطشها وجشعها للهيمنة وللثروات.

إن الولايات المتحدة تفرض الطغيان على العالم وتنهبه، هذا العالم الذي يسود فيه العولمة، بقوتها السياسية، الاقتصادية، التكنولوجية والعسكرية.

وتتجلى كل مرة أكثر فأكثر هذه الحقيقة بعد الحوارات النزيهة والجريئة التي جرت خلال العشرين سنة الأخيرة بالأمم المتحدة، بتأييد الدول التي تفترض أنها تعبر عن إرادة الأغلبية الساحقة لسكان المعمورة.

قبل مداخلة برونو، عبرت منظمات بلدان شتى عن وجهات نظرها من خلال أحد أعضائها. أولها كانت الأرجنتين، باسم مجموعة 77 إلى جانب الصين؛ وبعدها مصر باسم حركة عدم الانحياز؛ كينيا باسم الاتحاد الإفريقي؛ بليسي باسم الكاريكوم؛ كازاخستان باسم مؤتمر التعاون الإسلامي؛ وأوروغواي باسم ميركوسور.

بغض النظر عن هذه التعبيرات، ذات الميزة الجماعية، إن الصين، البلد الذي يزداد ثقله سياسيا واقتصاديا بالعالم،الهند وإندونيسيا، أيدت بثبات وبقوة القرار من خلال سفرائها؛ وهذه البلدان الثلاثة مجتمعة تمثل 2700 مليون نسمة. وقام بذلك أيضا سفراء الاتحاد الروسي، روسيا البيضاء، جنوب إفريقيا، الجزائر، فنزويلا والمكسيك. بين أفقر بلدان أمريكا اللاتينية والكاريبي، رنت الكلمات التضامنية لسفيرة بيليسي، التي خطبت باسم مجموعة الكاريبي، وسان فيسينتي، وغراناديناس، وبوليفيا، التي براهينها المتعلقة بالتضامن مع شعبنا، على الرغم من الحصار الذي استغرق أكثر من 50 عاما، سيبقى دائما حافزا خالدا لأطبائنا، مربيينا ولعلمائنا.

خطبت نيكاراغوا قبل التصويت، لكي تفسر بشجاعة لماذا كانت ستصوت ضد ذلك الإجراء الغدار.

وألقى كلمته كذلك ممثل الولايات المتحدة لتأويل ما هو غير قابل للتأويل. شعرت بالخجل تجاهه. هذا هو الدور الذي خصص له.

ولما حان وقت التصويت غاب بلدان، ألا وهما: ليبيا والسويد؛ ثلاثة بلدان امتنعت عن الصوت وهي: جزر مارشال، ميكرونيسيا وبالاو؛ صوتان ضد وهما بلدان: الولايات المتحدة وإسرائيل. إذا جمعنا سكان البلدان التي غابت أو امتنعت عن التصويت أو صوتت ضد: الولايات المتحدة 313 مليون نسمة؛ إسرائيل 7,4 ملايين نسمة؛ سويد 9,1 ملايين نسمة؛ ليبيا 6,5 ملايين نسمة؛ جزر مارشال 67,1 ألف نسمة: ميكرونيسيا 106,8 ألف؛ بالاو0,9 ألف نسمة؛ مجموع السكان 336 مليون، و 948 ألف، أي أنها لا تتجاوز4,8 بالمائة من سكان المعمورة، الذين يزداد عددهم ليصل هذا الشهر إلى 7 مليارات.

بعد التصويت خطبت بولاندا باسم الاتحاد الأوروبي الذي رغم تحالفه الوثيق مع الولايات المتحدة ومشاركته الإجبارية في الحصار، يعراض ذلك الإجراء الإجرامي.

خطبت فيما بعد 17 بلد لكي تشرح بثبات وبعزيمة أسباب تصويتها.

(الجزء الرابع)

بيوم 2 آذار/مارس، تحت عنوان “حرب حلف الناتو التي لا مفر منها” كتبت:

“على خلاف ما يحدث لمصر وتونس، تحتل ليبيا المكان الأول في أفريقيا من حيث التنمية البشرية، وفيها أعلى معدل للحياة في القارة. يلقى التعليم والصحة عناية خاصة من الدولة. والمستوى الثقافي لمواطنيها هو أعلى بدون شك. مشكلاتها هي من نوع آخر.[…] والبلاد بحاجة لقوة عمل أجنبية كبيرة من أجل تنفيذ مشاريع واسعة للإنتاج والتنمية الاجتماعية”.

“ولهذا، فإنها وفرت فرص عمل لمئات الآلاف من العمال المصريين والتونسيين والصينيين ومن جنسيات أخرى. لديها دخول هائلة وكذلك احتياطات من العملة الصعبة المودعة في بنوك البلدان الغنية، وهي أموال تستخدمها في شراء المواد الاستهلاكية، بل وحتى الأسلحة المتطورة، التي تزودها بها ذات البلدان التي تريد اليوم غزوها باسم حقوق الإنسان”.

“حملة الافتراء الهائلة التي شنتها وسائل الإعلام تسببت بتضليل كبير للرأي العام العالمي. سيمر وقت طويل قبل أن يتم التمكن من معرفة ما حدث في ليبيا بالفعل، وتمييز وقائع الأحداث عن الزائف مما نشرته وسائل الإعلام”.

“لقد استخدمت الإمبراطورية وحلفاؤها الرئيسيون أكثر الوسائل تطوراً من أجل نشر معلومات مشوّهة عن الأحداث، يتعيّن الاستدلال عما يحمل ملامح الحقيقة بينها”.

“الإمبريالية وحلف ‘الناتو’ – اللذان ينتابهما القلق الشديد جرّاء الموجة الثورية المندلعة في العالم العربي، من حيث يرد الجزء الأكبر من النفط الذي يستند إليه الاقتصاد الاستهلاكي للبلدان المتقدمة – لم يكن بوسعهما إلا أن يستغلاّ النزاع الداخلي الذي نشأ في ليبيا من أجل الترويج لتدخل عسكري”.

“بالرغم من سيل الأكاذيب وحالة الارتباك القائمة، لم تتمكن الولايات المتحدة من جر الصين والفدرالية الروسيّة إلى موافقة مجلس الأمن على تدخل عسكري في ليبيا، مع أنها، وخلافاً لذلك، استطاعت في مجلس حقوق الإنسان انتزاع موافقة على الأهداف التي سعت إليها في تلك اللحظة”.

“الحقيقة الواقعة هي أن ليبيا قد دخلت في حرب أهلية، كما سبق وتوقّعنا، لم تتمكن منظمة الأمم المتحدة من فعل شيء لمنع ذلك، باستثناء صب مجلس أمنها جرعة كبيرة من الزيت على النار”.

“المشكلة التي لم يكن يتصورها أصحاب القرار هو أن يدخل قادة التمرد أنفسهم في هذا الموضوع المعقّد ويصرّحوا أنهم يرفضون أي تدخل عسكري أجنبي”.

أحد مسؤولي الانتفاضة، عبد الحفيظ جوقا، صرح بيوم 28 شباط/ فبراير في لقاء مع الصحافيين: ‘ما نريده هو الحصول على معلومات استخبارية ، ولكن ليس بأي حال المساس بسيادتنا الجوية والبرية أو البحرية’ “.

” ‘ويعكس تشدد قادة المعارضة بشأن السيادة الوطنية رأي العديد من المواطنين الليبيين الذين أعربوا عن ذلك بشكل عفوي للصحافة الدولية الموجودة حتى قبل إثارة هذا الموضوع’، هذا ما جاء في برقية لوكالة الصحافة الفرنسية يوم الاثنين الماضي”.

“بنفس ذلك اليوم، أستاذة بالعلوم السياسية لجامعة بنغازي عبير امنينا – وهي من خصوم القذافي- صرحت:

” ‘الإحساس الوطني قوي في ليبيا’.

” ‘علاوة على ذلك فان ما حدث في العراق يثير الخوف لدى العالم العربي كله’، وذلك في إشارة إلى الغزو الأمريكي عام 2003 الذي كان يفترض أن يأتي بالديمقراطية للعراق لتنتشر منه إلى باقي المنطقة وهو ما كذبه الواقع تماماً”.

وتابعت الأستاذة:

” ‘نعرف جيداً كيف حدث ذلك في العراق، الذي يعيش في عدم استقرار تام، وهو ما لا يعطي حقا أي رغبة في السير على هذا الطريق. لا نريد أن يأتي الأمريكيون لينتهي بنا الأمر بالتحسر على القذافي’.

“بعد ساعات قليلة من نشر هذه البرقية، سارعت اثنتان من الوسائل الصحافية الأمريكية الرئيسية، وهما ‘ذي نيويورك تايمز’ و’ذي واشنطن بوست’ لعرض روايات جديدة عن الموضوع، قامت وكالة ‘د.ب.إ’ بعرضها في اليوم التالي، الموافق الأول من آذار/مارس:’يمكن للمعارضة الليبية أن تطلب من الغرب أن يقصف جواً المواقع الإستراتيجية للقوات الموالية للرئيس القذافي، حسبما ذكرت الصحافة الأمريكية اليوم’ “.

“وأكدت صحيفتا ‘ذي نيويورك تايمز’ و’ذي واشنطن بوست’ في طبعتيهما الإلكترونيتين أن هذا الموضوع يجري بحثه في المجلس الثوري الليبي”.

“ونقلت ‘ذي نيويورك تايمز’ عن المتحدث باسم المجلس قوله بأنه في حال القيام بالعمليات الجوية في إطار الأمم المتحدة، فإنه لا يترتب عن هذه العمليات تدخل دولي”.

“ونقلت صحيفة ‘ذي واشنطن بوست’ عن متمردين اعترافهم بأنه بدون دعم الغرب يمكن للمعارك مع القوات الموالية للقذافي أن تستغرق وقتاً طويلاً وأن تكلف عدداً كبيراً من الأرواح البشرية”.

فورا تسألت بذلك المقال للتأملات:

“لمَ الإصرار على إظهار المتمردين على أنهم شخصيات بارزة تطلب من الولايات المتحدة ومن حلف ‘الناتو’ القيام بعمليات قصف لقتل ليبيين؟

“يوماً ما ستظهر الحقيقة من خلال أشخاص كأستاذة العلوم السياسية في جامعة بنغازي، التي تروي بقدر رفيع من البلاغة التجربة المريعة التي قتلت ودمّرت المنازل وحرمت من العمل أو حملت ملايين الأشخاص على الهجرة في العراق”.

“اليوم الأربعاء، الثاني من آذار/مارس، تعرض وكالة ‘إ.ف.إ’ المتحدث المعروف باسم المتمردين وهو يدلي بتصريحات تؤكد، برأيي، أقواله يوم الاثنين وتتناقض معها في ذات الوقت: ‘بنغازي (ليبيا)، 2 آذار/مارس. طلبت القيادة الثورية الليبية اليوم من مجلس الأمن الدولي أن يقوم بهجوم جوي ‘على مرتزقة’ نظام معمّر القذافي’ “.

“أي حرب تشبه هذه الحرب بين الحروب الإمبريالية الكثيرة؟”

“هل هي حرب إسبانيا عام 1936، أم حرب موسوليني على أثيوبيا عام 1935، أم حرب جورج دبليو بوش على العراق عام 2003 أم أي من عشرات الحروب التي وقفت الولايات المتحدة وراءها ضد شعوب القارة الأمريكية، بدءاً من غزو المكسيك عام 1846، وحتى حرب جزر المالوين عام 1982؟”

“وطبعاً، بدون استثناء الغزو المرتزق لشاطئ خيرون [خليج الخنازير] والحرب القذرة على وطننا وفرض الحصار عليه منذ خمسين سنة، ستكتمل في السادس عشر من نيسان/أبريل القادم”.

“في جميع هذه الحروب، كما في حرب فيتنام التي كلّفت ملايين الأرواح، سادت أوقح المبررات والإجراءات وأكثرها دناءة”.

“إلى الذين يراودهم أي شك حول حتمية التدخل العسكري الذي سيحدث في ليبيا، وزعت وكالة الصحافة الفرنسية، التي أعتبرُها مطلعة، برقية صحافية اليوم جاء فيها: ‘تعد بلدان حلف ‘الناتو’ خطة طوارئ تستند إلى نموذج مناطق الحظر الجوي التي تمت إقامتها في البلقان في عقد التسعينات، حالما قرر المجتمع الدولي فرض حظر جوي على ليبيا، حسبما ذكر دبلوماسيّون’ “.

أي شخص أمين وشريف، قادر على مراقبة الأحداث بموضوعية، يمكنه أن يدرك خطورة المعطيات السخرية والوحشية التي تتميز بها سياسة الولايات المتحدة والتي تفسر العزلة المخجلة لتلك البلاد في الحوار الجاري بالأمم المتحدة حول “ضرورة إنهاء الحصار الاقتصادي، التجاري والمالي ضد كوبا” .

إنني أتابع عن كثب، رغم عملي، الألعاب البان اميريكية في غوادالاهارا عام 2011.

يتفاخر بلدنا من أولائك الشباب الذين هم مثال يحظى به بالعالم لنزاهتهم وروحهم التضامنية. أهنئهم بحرارة، الآن لا أحد يستطيع أن ينتزع منهم مكان الشرف الذي يستحقونه.

فيدل كاسترو روز

28 تشرين أول 2011

هافانا، كوبا

المصدر http://www.cuba.cu/gobierno/reflexiones/reflexiones.html

عن prizm

شاهد أيضاً

التنمية بعيدا عن التبعية حلم بعيد المنال..!

4 تشرين الأول 2023 د.محمد سيد أحمد* ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن التنمية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *